الاثنين، 30 نوفمبر 2015

محاضرة عن الاتحاد قوة

فيلم عن الاتحاد قوة

كتيّب إرشادات صغير


كم يتمنى الإنسان في ظل خيباته المتكررة،
وفِي تلك اللحظات التي تحاصره الحياة فيها في زاوية ضيقة، لو كان لهذه الحياة كتيّب إرشادات صغير يعيننا على فهمها.. يشرح لنا بدقّة وخطوة بخطوة، ماذا نفعل لو حدث لنا كذا.. وكيف نتصرف لو حدث معنا كذا.. مجرد كتيّب صغير.. عدة صفحات تنير لنا هذا الدرب المعتم..
إِلَّا أننا ننسى أن تلك الإرشادات قد قدَّمت لنا بالفعل.. مرارا وتكرارا.. ومن أولئك الذين مَرُّوا بهذا الدرب من قبل.. إِلَّا أننا لم نتبعها.. لم نثق أن أولئك العجائز الذين بالكاد تحملهم عظامهم، يمكن لهم أن يدلّونا فعلا.. سذّج.. منفصلون عن الواقع.. ويعيشون في زمان آخر.. هذا كان رأينا الحقيقي فيهم.. لكننا لم نقله.. جاملناهم مبتسمين، شكرناهم على النصائح، وهذا كل شيء..
ربّما على الإنسان أن يعترف، أنه مهما كانت حاجته إلى النصيحة ملحة وقوية.. إِلَّا أن اعتداده بنفسه وإصراره على خوض الحياة ببنات أفكاره أقوى وأشدّ.. وأنه مهما تظاهر بالشكوى من انفراده بقراره.. إلا أن ذلك هو خياره في الحقيقة..
ربّما على الإنسان أن يعترف، بأنه دائما ما اختار استقلاله بحياته.. وخطأه على صواب الآخرين.. وأنه راضٍ تماما بالثمن الناتج عن هذا الاستقلال، مهما ادعى عكس ذلك.

الخوف




لا أعرف الذي يمنعني من البوح بحبي لك.. أهو الخوف من الرفض؟ أنا موقن أنك سترفضين.. لكنني لعلَّني أحمي نفسي من هذا الإدراك.. لعل شيئا ما في داخلي يقول، أنه ما دام هذا الأمل المستحيل معي، فلن يأخذه مني أحد.. وسأسقيه من قلبي كل يوم.. وإن لم يزهر.

وأنا في هذا كالأمّ التي مات طفلها بين يديها.. لكنها ترفض أن تأخذه إلى الطبيب كي لا يؤكد لها حقيقة موته.. كي لا يأخذه منها.. فلا تزال تحتضنه.. وتضع ثديها في فمه الصامت.. وهي موقنة تمام اليقين، أنه لن يلقمه.. لكن هكذا يبقى ابنها.. معها.. ولها..


















الأحد، 29 نوفمبر 2015

أحلى حاجة

أمي

الراحة تأتي بعد التعب


من الأشياء التي أتمنى بصدق لو كنت قد تعلّمتها صغيرا،
 هي أن عبارة "الراحة تأتي بعد التعب" عبارة خاطئة جملة وتفصيلا..
ظاهر العبارة تحفيزي.. لكنها تزرع في لا وعي الإنسان تصورا مفاده أن العمل ما هو إلا تعب.. ما هو إلا شيء كريه وممل وبغيض.. ويفضّل ألّا نقوم به.. لكنه ضروري للوصول إلى الجائزة أو الحالة الطبيعية للإنسان وهي الراحة والدعة والكسل..
تصوير العمل على أنه تعب، هو ما جعلنا نكره الذهاب إلى المدرسة.. نُمقت حل الواجبات والدراسة للامتحانات.. هو ما جعلنا نرى أن هدفنا الرئيسي من المدرسة ليس اكتساب المعرفة، بل اجتياز الامتحانات طمعا في الحصول على عطلة صيفية كسولة طال انتظارها..
هذا التصور هو الذي جعلنا نكره وظائفنا كبالغين.. نتأفف لدى الاستيقاظ من النوم.. نلعن الرأسمالية في الطريق إلى العمل.. ونمضي النهار على مكاتبنا ونحن ننظر إلى الساعة.. غافلين تماما عن القيمة التي نؤديها.. عن العمل الذي ننجزه بل وحتى احتمالات أن نتطور ونرتقي.. لنعود في آخر النهار ونحن نسأل الله أن يقبض إليه رئيسا ما، أو يرسل عاصفة ثلجية شديدة تمنحنا عطلة غير متوقعة..
تصوّر أن التعب ما هو إلا جسر للراحة بتعبير أبي تمّام، هو ما جعلنا نرى كل ما نقوم به في يومنا على أنه تعب.. وأن حياتنا لا تبدأ إلا بعد أن ننتهي منه كما قال كارل ماركس.. هو ما جعلنا نقدّس كل وسيلة تجعلنا نعبر هذا الجسر البغيض بأسرع ما يمكن.. سواء كانت تلك الوسيلة هي ميراث مفاجئ، تذكرة يانصيب رابحة، جائزة رمضانية.. أو حتى السطو الحلال على بنك.. أي شيء، المهم أنّه يقربنا إلى هدفنا الأساسي.. الراحة.. التقاعد الثري المريح الذي أصبحنا نحلم فيه ونحن لا نزال في العشرين من العمر..
لو عادت بي الدنيا، سأقول للطفل الذي كنته أن الراحة الحقيقية على الصعيدين الجسدي والنفسي لا تأتي بعد التعب، إنما تكمن فيه.. تكمن في العمل والبذل والحركة.. في تغيير وصناعة الأشياء ومنح القيمة والمعنى لما حولنا.. أما التعب الحقيقي فهو عندما يسترخي الإنسان على أريكته، ولا يجد شيئا ليفعله..