الخميس، 26 ديسمبر 2019

ذراعي.. أطول من ذراعك


‏"ذراعي.. أطول من ذراعك.."
كنتُ أمشي هذه الليلة.. في طرقات قريتي (الهادئة في هذا الوقت من العام).. فصادفَ أن مرّ بجانبي رجل وامرأة (سأفترض أنهما زوجان).. ذراعاهما متشابكتان.. كل منهما ممسك بيد الآخر..
‏أثناء مروري السريع.. الذي ربما لم يستغرق ثانيتين (إذ إنني سريع المشي).. سمعت الرجل يقول لها كلمةً استوقفتني..
"ذراعي أطول من ذراعك"
‏مضيتُ.. ولكن بقيت هذه الكلمة تثير أسئلةً كثيرة.. أخذتني كلماتُه تلك 2400 سنة إلى الوراء.. إلى أرسطو حين تساءل في كتاب الأخلاق :هل الانجذاب للآخر يكون بسبب التشابه في الصفات.. أم بسبب الاختلاف ؟
‏هل كان ذلك الشخص.. سعيدا بذلك؟ هذا ما يبدو لي.. رغم أنني لم أنظر في وجهه ولا وجهها.. ولكن الجوَ كان لطيفا.. وهي ليلة الخميس.. وهما يمشيان وسط القرية.. فسأفترض أنهما سعيدان!
هل كان يريد أن يقول لها إننا مختلفان.. ولكننا رغم ذلك برفقة بعض؟ لا تقلقي.. اختلافنا هو نفسه سِرُ اتحادنا..
‏تساءلتُ أيضا.. إذا كان يعرفها من فترة طويلة (وهذه فرضية ثالثة ).. فهل كانت تلك المرة الأولى التي يلاحظ طولَ ذراعه وقصر ذراعها.. هل المحبة تُجدّد رؤيتَك كل مرة.. هل يكتشف المُحِبّ.. كلَ مرة.. شيئا جديدا في من يحبّ.. سواء كان ذلك شخصا أم غيره..
‏هل كانت رسالته لها.. الحب ليس أعمى.. الحب يجعلني أكثر معرفةً.. أقرب إليك.. المحبة تبصرني بك.. لقد انتبهت لهذا الشيء بسبب شعوري تجاهك.. أم كان يريد أن يُعبّرَ بطول اليد عن الاحتواء.. سأحتويك..
‏أم كان ذلك تعبيرا عن حبه الكبير.. والذراع الطويلة مجاز عن الحب الأكبر.. حبي لك أكبر من شعوركِ.. أليست الذراع الطويلة تعبيرا عن اليد الطولى.. الطرف الذي يتحمل أكثر ويتنازل لأجل استمرار العلاقة الإنسانية.. لأجلك سأحني ذراعي لنتساوى في الطول.. سأُضحّي لأجلك..
‏أكملت طريقي مبتسما ساهما.. لا ألوي على أحد.. ولا أعلم أَصَدقتَ نظريتي أم لا
.. 
هذا اللقاء الذي لم يأخذ ثواني.. أثبت لي أن الحب لغة إنسانية عليا.. تجمعنا سويا..