الخميس، 26 نوفمبر 2015

قصة السيدة خديجة



التسامح اللزج


واحدة من الأفكار التي أرى أن الإيمان بها قد يريح الإنسان..
هي فكرة أن "معظم" الأذى الذي تعرض له في حياته كان أذى عابرا، ولم يكن موجها أبدا ضده.. وإن بدا كذلك..
بمعنى أن حياتنا كبشر عبارة عن مسارات.. وعندما تتقاطع هذه المسارات، يقدم كل إنسان مصلحته على مصلحة الآخرين.. بل وقد لا يمانع لو تأذوا في سبيل تحقيق مصلحته.. الدافع الأساسي للأذى هنا لم يكن أذية الشخص المقابل.. بقدر ما كان وسيلة لتحقيق مصلحة المؤذي.. وهذه نقطة مهمة.. فكّر بالأمر وكأنك تسير في طريق مزدحم.. والكل يود التجاوز عن الكل.. سيصدمك بعض الناس عمدا.. وستتأذى سيارتك.. لكن الهدف الحقيقي لم يكن تحطيم سيارتك بل أن تمر سيارته هو!
رجل أنهى علاقته مع فتاة بعد علاقة حب طويلة.. لم يرغب بتحطيم قلبك.. لكنه وجد فرصة أفضل.. وهذا حطم قلبك فعلا.. لكن لم يكن هذا هو الهدف الأساسي هكذا هم الناس.. يبحثون عن مصلحتهم وتتغير اهتماماتهم.. لكن الأمر لا علاقة له بأذاك أنت شخصيا.. فعوضا عن أن تقولي "دمر حياتي".. بإمكانك أن تقولي بسخرية وأسى "لم يعجبه شعري المفلفل"..
زميلك في العمل تسبب عبر وشاية في خسارتك عملك.. مرة أخرى.. لم تكن أنت المستهدف وإن بدا للجميع ذلك.. كنت عقبة في طريق نجاحه .. فعوضا أن تمضي ليلك ونهارك وأنت تلعن أجداد أجداده وتدعو الله أن يخسف به الأرض.. بإمكانك القول ببساطة أن.. سيارتك وقفت في طريق سيارته..
ميزة هذه الآلية عدا أنها تمنح الإنسان روح السخرية الضرورية لمواجهة الحياة.. أنها تفرغ قلبه من الحقد.. يحزن طبعا على خسارته.. ولا يسامح من تسبب بألمه.. (أنا ضد التسامح اللزج) لكن هكذا يخرج الإنسان نفسه من زنزانة المظلومية.. ينجو من قيود أن ينظر لنفسه كضحية تعيش في انتظار عدالة لن تجيء الآن.. تجعله هذه الآلية المتفهمة ينظر للناس بشفقة وليس بغل وحقد.. لأن هذه هي سنة الحياة.. نحن في حالة تدافع دائم.. سنؤذي الناس ويؤذوننا كل بحسب أخلاقه.. تفهم ذلك سيجعلنا نستعيد قوانا بشكل أسرع بعد كل سقطة.. لنمضي نحو تقاطع آخر..
مشكلتنا أننا نعتقد أن الحكمة هي شيء معقد وبعيد المنال.. لكن الحقيقة أن كل ما يلزم لتحصيلها هو أن يحيد المرء مشاعره الشخصية تماما عند النظر للأمور.. ألا يسمح لهواه أن يلوّن حكمه.. فيرى الحقيقة كاملة.. كالشمس في وضح النهار.. لا أحد مهتم بتحطيمنا.. خيارات متضاربة في لحظة تدافع.. لا أكثر ولا أقل..

الجنس و العلاقة العاطفية،


في اللحظة التي يحضر فيها الجنس في العلاقة العاطفية،
يفقد كل طرف قدرته على رؤية الطرف الآخر إلا بكونه موضوعا جنسيا .. تنحصر الرؤية فقط في هذا الإطار.. أي أن الجنس يزيح الحبّ جانبا، ليصبح هو صبغة العلاقة وفاعلها الأساسي.. ويتكثّف حضوره بحيث يستلزم الأمر جهدا نفسيا استثنائيا وتصنّعا مرهقا لمحاولة تجاهله، والتصرّف بطبيعية، أو استعادة تلك الرؤى العاطفية الجميلة التي كانت موجودة قبل حضوره.
هنا تكون العلاقة قد تسممت.. وينشأ لدى كل طرف، احتقار عظيم للذات مع شعور مزعج بالتهديد، وكره خفي ودفين للشريك .. وإذا تمكن زخم الجنس من إطالة أمد العلاقة قليلا بعد ذلك، فإن أدنى خلاف يحصل، من شأنه أَن يستخدم - وبتواطؤ غريب من الطرفين - كعذر للهروب من هذه العلاقة المسمومة.. التي لا تترك وراءها سوى كومة من الذكريات السيئة والندم المرير..
الزواج بالمقابل، يضع الجنس في مكانه الصحيح.. ليس كأساس للعلاقة، لكن كمتعة مدعّمة ومقوية لعلاقة مبنية على الحبّ.. وكتيرموميتر ومصلح يصلح ما تفسده الخلافات..
لذلك فالمنع المؤقت للجنس هنا - أو تفاديه- لا يقصد به أبدا أن الجنس ممقوت لذاته، أو أن هنالك عيبا ما فيه.. المسألة مسألة توقيت فقط.. وإعطاء الحبّ فرصته ليثبتّ أركان تلك العلاقة الغضّة، ويحميها من التفتت والانكسار..